مخطئ من يظن أن
اتفاقية صفقة القرن لن تمر , بذريعة أن الشعوب العربية رافضون لها .. باستثناء شاب
كويتي اعتنق الديانة اليهودية ويدعى ( يوسف المهنا ) وشاب آخر سعودي مدوّن ويدعى ( محمد سعود ) ولفيف طفيف من
المتصهينين بالإضافة لبعض الحكام العرب , وإن كانا الشابان أكثر صراحةً مع أنفسهم
وأعلنوا موقفهم المؤيد بشدة للكيان العبري من بعض الحكام العرب الذي أعلنوا سرا
تأييدهم للصفقة ولم يعلنوها علنًا ــ لا أدري إن كان حياءً من الشعوب العربية أم رياءً لهم أم ماذا ؟ ــ بل وأرسلوا وزراء خارجيتهم للتظاهر بالوقوف في
صف رئيس دولة فلسطين في اجتماع جامعة الدول العربية بالقاهرة ..!!
ما الذي يمنع الصفقة من أن تمر وتخرج لأرض الواقع وقد مرت سابقا ..؟
نعود بالتاريخ
إلى الوراء حوالي 530 سنة وتحديدًا سنة
1491 , عندما قام عبد الله الصغير بتوقيع اتفاق ينص على تسليم غرناطة ..
والقصة بدأت بأبي
عبد الله محمد الثاني عشر المولود سنة 1460 م , وهو من بني الأحمر
المنحدرة من قبيلة الخزرج القحطانية ، حكم مملكة غرناطة في الأندلس فترتين بين عامي ( 1482 - 1483 ) وعامي ( 1486 - 1492 ) وهو آخر ملوك الأندلس المسلمين الملقب بالغالب بالله. استسلم لفرديناند وإيزابيلا يوم 2 يناير 1492. وسماه الإسبان (el chico ) أي الصغير , بينما سماه أهل غرناطة) الزغابي (أي (المشؤوم أو التعيس). وهو ابن أبي الحسن علي بن سعد , الذي خلع أباه ( أبا الحسن ) من الحكم وطرده من البلاد
عام 1482 ، وذلك لرفض الوالد دفع
الجزية لفرناندو الثانة ملك أراغون كما كان
يفعل ملوك غرناطة السابقين.
حاول أبو عبد
الله الصغير غزو قشتالة عاصمة فرناندو فهُزم وأُسر في لوسينا عام 1483 , ولم يفك أسره حتى وافق على أن تصبح مملكة
غرناطة تابعة لفرناندو وإيزابيلا ملوك قشتالة وأراجون. الأعوام التالية قضاها في
الاقتتال مع أبيه أبي الحسن علي بن سعد وعمه أبي عبد الله الزغل .
حكم أبو عبد الله الصغير غرناطة وعمره 25 عاما بينما
كانت الأندلس قد انكمشت من جهة الجنوب إلى مملكتين هما مملكتي مالقة وغرناطة. في
نفس السنة هاجم الأسبان إمارة مالقة ليستولوا عليها ويبيدوا من كان بها من
المسلمين إلا أن عبد الله الزغل هزمهم هزيمة نكراء وأعطى المسلمين الأمل في إرجاع
كرامتهم المفقودة. ولكن، أبا عبد الله الصغير قد شعر بالغيرة من أبي عبد الله
الزغل عند ظهوره كبطل شعبي يعطي الأمل للمسلمين، وقام بالهجوم على الأسبان لكنه
هزم شر هزيمة ووقع في الأسر لمدة عامين وخرج بعد توقيعه اتفاق سري مع ملك إسبانيا
فريدناند وزوجته ايزابيلا .
في عام 1489
استدعاه فرناندو وإيزابيلا لتسليم غرناطة، ولدى رفضه أقاما حصارا على المدينة.
فقام عبد الله الصغير بتوقيع اتفاق ينص على تسليم غرناطة، على الرغم من رفض المسلمين لهذه الاتفاقية.
وبسبب رفض أهل غرناطة لهذ الاتفاقية، اضطر المسلمين للخروج في جيش عظيم للدفاع عن
المدينة ولأن أبا عبد لله الصغير لم يستطع الإفصاح عن نيته في تسليم المدينة ، قام
بدب اليأس في نفوس الشعب من جهات خفية إلى أن توقفت حملات القتال وتم توقيع
اتفاقية ( صفقة القرن ) عام 1491م التي تنص على تسليم المدينة, وتسريح الجيش
ومصادرة السلاح.
غادر أبو عبد الله الصغير من الأندلس إلى فاس وعاش هناك حياة لم يعرف أحد
عنها شيئا حتى مات عن عمر يناهز الخمسة والسبعين عاما .
قيل أن أبا عبد الله كان جبانا, و أنه بكى , و أن أمه وبّخته قائلة " ابكِ
كالنساء ملكا لم تحافظ عليه كالرجال"
التاريخ يعيد نفسه , مؤامرات ومشاحنات وعداء بين العربي وأخيه بل والاستعانة
بالأجنبي في قتال الأخ .
الفارق بين الحالة القديمة والحالة الجديدة أن حالة الأندلس كانت تسليم
مدينة غرناطة , أما الحالة الجديدة فلن تتوقف عند القدس , فأطماع الكيان العبري (
المعلنة ) من النيل إلى الفرات ..
ولا أظنه كذلك , وما خفي ربما أعظم ..
فبعد النيل والفرات ستكون مكة المكرمة والمدينة المنورة حيث أنهم لم ينسوا
أصولهم .
فهل نفيق من الغيبوبة قبل أن يعيد التاريخ نفسه وتوبخ الأمهات أبناءهم قائلةً "ابك كالنساء ملكا لم تحافظ عليه
كالرجال" ..
؟؟!!!
************************
جمال نور
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق