السبت، 8 فبراير 2020

العولمة والفن




العولمة كما هو معروف أن يسود العالم نظام تتبادل فيه الخبرات والمنافع وتذوب كل الكيانات فى كيان واحد عالمي ... لكن هذا الكلام ينطبق على الدول المتقدمة حيث  تتساوى فيها القامات ... ولا مكان فيه للدول المتخلفة .. لكن الدول المتخلفة تأبى إلا أن تكون مطيعة مقلدة ليس أكثر حتى ولو كان على حساب تاريخها .. وما حدث من اللهاث وراء التقليد والتبعية تسبب في تشويه تراث كان يميز الدول التي هي متخلفة الآن والتي كانت في السابق دولا متقدمة .. حيث حدث تعدٍ سافرٍ على كل فنونها التي كانت تعتز بها من موسيقى وشعر وفن تشكيلي بل وسينما أيضا .. فاقتحمتها ما يسمى بالحداثة التي أدت بدورها إلى ظهور على السطح أنصاف الفنانين بل ومعدومي الموهبة .. 

ففى الشعر ضربت الحداثة الشعرَ ــ من وجهة نظري ــ في مقتل .. وبقراءة سريعة لبعض القصائد على سبيل المثال قصيدة تسمى  " شرفة ليلى مراد"  .. تساءلت هل ممكن أن يكون هذا شعرا ..؟!!
 بصرف النظر عن تطاول القصيدة على الذات الإلهية الذي هو مرفوض أصلا .. وصار من يريد  الوصول أسرع فعليه أن يتطاول على الذات الإلهية كأمثال رواية تدعى " وليمة لأعشاب البحر " .. لكن أليس ما يسمى بالحداثة فى الأدب و الشعر خاصة  قد أفرز أنصاف وربما معدومي الموهبة في اقتحام مجال لم يكن لكثير من المتسلقين بلوغه لولا هذه المسماة بالحداثة .. !!

الحقيقة ــ من وجهة نظري الشخصية ــ أن ما يسمي بالحداثة قد أفرزت في جميع مجالات الفنون متسلقين من أنصاف الموهوبين وربما معدومي الموهبة كما أسلفت ..  انظروا إلى الموسيقى والأغاني المنتشرة الآن من جميع مطربي هذا العصر .. كم هي سطحية ومعدومة التأثير ويستخدمون التقنية الحديثة وأمور أخرى لإخفاء رداءة الصوت وضعف الموسيقى المصاحبة ..

 نأتي إلى الفن التشكيلي وهو بيت القصيد في هذا الموضوع ..
أليس ما يسمى بالحداثة قد أفرز الكثير من المتسلقين ؟ .. فأصبح الذى لا يجيد شيئا وليس لديه موهبة , يقوم بعمل مجموعة من ضربات الفرشاة التى لا معنى لها  و يقول أن المعنى في بطن الفنان .. !! .. ثم  يتحدث لمدة ساعة عن القيم الفنية في اللوحة أو التمثال ــ طبعا بما ليس فيهما ــ مع أن اللوحة أو التمثال فن مرئي , بمعنى أن كل منا يرى العمل الفني رأي العين ولا يحتاج إلى تفسير .. إلا إذا كان العمل الفني ناقصًا فيكمله بالتفسير الكلامي ..

السبب فى انتشار مايسمى بالحداثة أنها قادمة إلينا من الغرب .. ونحن مجرد ببغاوات نقلد جميع مايأتينا سواء كان له معنى أو عديم المعنى  .. هل سأل أحدكم نفسه هذا السؤال .. لماذا لايوجد في الخط العربي ماجيستير أو دكتوراه ؟؟ .. يوجد فقط دبلومة ... مع أن جماليات الخط العربى تفوق جماليات أى فن آخر ..  السبب  ببساطة أن الخط العربي لم يأتِ من الغرب .. ولو تدخل الغرب في هذا الفن لأسرعنا بعمل ماجيستير ودكتوراه إذا فعل الغرب هذا .. فنحن فقط مقلدون ..

الحقيقة أن سبب ظهور هذه الخزعبلات في الفن التشكيلى ظهور فنانين على المستوى العالمي خلعوا على أنفسهم تاج التطوير بدايةً من نهاية القرن الـ 19 .. فقد وجدوا أنفسهم لن يضيفوا شيئا إلى من سبقوهم من عصر النهضة أو حتى ما بعد عصر النهضة مباشرة الذي يتميز بالتبسيط بعيدا عن التشويه من الفنانين الانطباعيين .. فعمدوا مدّعو الحداثة إلى تشويه الفن التشكيلى بأعمالٍ مشوهة .. ثم بسذاجتنا نحن المقلدون صدقنا أن هذا فن ودرسناه في كتبنا .. !!

وإذا كان مايسمى بالفن الحديث هو فن يعبر عن ذات وداخليات الفنان التشكيلى ومعنىً يكمن فى بطن الفنان .. فلماذا يقيّم أستاذة الفن أعمال الطلاب هذا يأخذ امتياز وهذا جيد جدا وآخر مقبول  .. فلماذا لا يكون المعيار واحدا والجميع امتياز .. باعتبار أن المعنى فى بطن الفنان .. وأن المسألة مجرد  وجهة نظر .. ؟؟!!

بعض الفنانين الذين حققوا شهرة واسعة يؤدون أعمالا فنية لا ترقى أبدا أن يطلق عليها فن .. لو نفذها طالب فى مشروع لحصل على مقبول جدا .. لكنها تأخذ حيزا كبيرا من الاهتمام والمتابعة .. !! 

إذاً المسألة هى مجرد اسم وشهرة الفنان وليس نوعية العمل الفني .. أهم شئ أن يكون العمل من خزعبلات الفن الحديث !!

وحديث الفنان المطوّل عن الحداثة في فنه والقيم الجمالية في أعماله يذكرنا بالمطربة التي ليس لديها صوت يمكن سماعه فتعتمد على أمور أخرى كالعرى مثلا لإخفاء قبح الصوت ..
***************
جمال نور


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

خطوات رسم البورتريه الكاريكاتيري

https://www.youtube.com/watch?v=28kv3Ryhhmk&t=10s